الخميس، يوليو 08، 2010

مداخل للولوج إلي النص الداخلي ... نصوص لا تأتي كاملة


مدخل أصيل ...


يظلُ النصُ الأدبي كائنا حيا دون الإكتمال ِ و إن اغتذت طينته مداد كل الحروف و ثراء كل الفواصل. النص الداخلي يبقي فضاءًا ممتدًا ...لا نهائي الأبعاد... متجاوزا، لا تحوزه الحدود و و الفواصل و الإحداثيات ... متعاليا علي كل الأطر و القوالب ... بينما مفرداتنا و فواصلنا تظلُ أسيرة ً لإطار  الذاتي و النسبي الذي لا يفتأ يكبلنا فينا.


لا مطلق في لغة المفردات و الفواصل، طالما بقيت الرقعة ذات البعدين هي المتكأ لزاما، لما نخط و نرسم.

حين أكتبُ .....
أنشُدُ في مفردتي أن تثور علي قوانين الهندسةِ المستويةِ لرقعتي ... أن تتمرد علي تربص بعديها ... أن تنفك من أسر إطارها النسبي ... 
مفرداتي و فواصلي ما لم تملأ كل أنسجتي و فراغاتي ... ما لم تجعلني أصلُ ما بيني و بيني قبل أن أصلُ ما بيني و الآخر ... فستظلُ ذاكرة ُ يراعي غائبة ً عن نكهة مدادي ... و سأظلُ دومًا أتوقُ فيما أخط الي السياق النشيد.

 



نصوص ليست للإعراب ...



إنتصبت’ متكئاً علي واعيتي
مددتها نصبَ الرؤي
ألفيتها 
خطًا رماديا
يصلُ بيني و الخافية


******

تجردت’ من كل ِ تداعياتي
نصبتها لأشعة ِ الشمس ِ
عارية ً بلا دثار
طازجة ً بلا إختمار
كي أبتدرَ أولَ الوصول ِ إلي أنانيتي



******


يشحذني قوسي
يصوبني مرمي كل فضاء
ظلُ القوس ِ
يصلُ الفوهة َ بالمرمي
يحجبُ عن عيني ضوء َ الشمس ِ
ينفي عن قوسي كل خيارات التصويب

******
تكبدتني كل مشاقي
نزحت عن يميني أناملي
فكيف الملمس’ مني و الولوج
و فيني ....
النصل’ و المنغرز’
المبضع’ و الجرح’
الطعم’ و الغنيمة’ و المصيدة

الأربعاء، يوليو 01، 2009

سينوغرافيا وطن ... نص أصيل ... طبعة أولي

هو و إن لم يألف ذلك من قبل إلا أنه كان قد حلم به مرارا. حين إرتاد المساحة للمرة الأولي بذل جهدا مضاعفا ليتجاوز دهشة إنبهاره. لعله لم يكن قد أتقن دوره تماما. مد يده مصافحا صاحب الشأن دون أن تفارق شفتيه البسمة التي إجتهد في رسمها. كما لم ينس أن يحيه بإسمه الثنائي مسبوقا بكلمة أستاذ. هذا ما تعلمه من كتاب كان قد قرأه في زمن ما لا يذكر أسمه و لكنه كان متداولا بين شلة الصحاب. إنتابه شعور طفيف بالندم. لماذا لم يحاول البحث عن الكتاب و قراءته من جديد. لربما أفاده ذلك في معركته الوشيكة. فتحت له السكرتيرة باب المكتب و كفها البضة يشير إليه بما معناه تفضل. من أين يأتي هولاء القوم بهؤلاء السكرتيرات ذوات الأيدي البضة. ضحك في سره فقد أدرك أخيرا السبب وراء معاناة إبنة الجيران و فشلها في الحصول علي عمل رغم تخرجها من قسم السكرتارية بإمتياز. سيحاول أن ينصحها بأن تولي عنايتها ليديها النحيلتين و لو تطلب الأمر حقنها بالكورتيزون. ما أقلقه حقا هو البرود الذي باغته به صاحب الشأن. شعر بذلك في كف الرجل الذي لم يحرك شفتيه المطبقتين قيد حرف. إنسابت يد الرجل من بين اصابعه كمن يحاول الإمساك بسمكة حية في الماء. هو لم يتوقع أن يتم إستقباله بالأحضان و السؤال عن الحال و لكنه كان قد وطن نفسه علي ما هو أكثر حميمية من ذلك. لا يهم فهذه محض شكليات يجدر تجاوزها. حار في أمره أيظل واقفا أم يجلس. لكنه جلس أخيرا حين أحس أن جلوسه و وقوفه صنوان عند صاحب الشأن الذي كان قد وسد سماعة تليفونه علي كتفه و أسند عليها إذنه اليسري ثم شرع في حديث أيقن من إرتياح نبراته إلي أنه سيطول. ألح عليه سؤال غريب في تلك اللحظة و هو يطالع الرجل بزاوية عينه المنفرجة. لماذا نستخدم التليفون بيسرانا. اليد اليسري ثم الأذن اليسري. نادرا ما نستخدم اليمني. هل هي العادة. أم أن في الأمر ما هو خارج عن حدود إدراكه. أجمع أمره علي دلق هذا السؤال الحيوي علي شلة الأصدقاء مساءا. سيكون مادة دسمة لإثراء الحديث و ملء الفراغ المكتظ بالغبار المختلط بدخان الشيشة . آه ... ياللشيشة ... ما أروع هذا الكائن اللذيذ. إنه المعادل الموضوعي لكثير من الرغبات بعيدة المنال. إبتلع ريقه وهو يحس بطعمها بنكهة التفاح يجري في حلقه. مد بصره يفتش في أرجاء المكتب عن لا شئ. كل شئ أنيق و لامع. إنتابه شعور غريب تجاه المكان. ضحك في سره و هو يتذكر جدال شلة الأصدقاء حول مفهوم اللا إنتماء. ثلة المتعطلين و مثقفي الأرصفة
يسقطون فشلهم علي طرابيز الكونكان و مجالس الشيشة. يجملون خيبة أملهم بشئ من الفلسفة التي لا تسد رمقا و لا تنتج خبزا أو إداما. إصطدم بصره فجاة بحذائه المتهالك فقطع عليه استرسال أفكاره. التفت بحركة سريعة إلي صاحب الشأن. أوجس من فكرة أن يكون الرجل قد ضبطه متلبسا بالتوهان. تذكر وصية قريبه العائد من الخليج. أحرص علي أن يكون الإنطباع الأول عنك جيدا. لكن الرجل كان تائها بدوره مع مكالمته التليفونية. عاود النظر إلي حذائه. ثم سحب رجليه بسرعة محاولا إخفاء حذائه أسفل المقعد فللأحذية دورها الفعال في صناعة الإنطباع الأول. إنتبه فجأة إلي الصمت المطبق علي الغرفة. يبدو أن صاحب الشأن قد انهي مكالمته أخيرا. إلتفت ناحية الرجل و هو يبحث عن إبتسامته التي تلاشت في خضم توهانه.
- نعم
قالها الرجل و هو يشمله بنظرة لم يتسني له تفسيرها
- أنا حسن جاييك من طرف محجوب
- محجوب منو
- محجوب جاركم في الحلة
- ياتو حلة
كيف نسي هذا الرجل الحلة بهذه السرعة. لم تمض إلا سنوات قلائل منذ عبر شارع الأسفلت شرقا ليصبح من سكان العمارات
- ديم القنا
نظر إليه الرجل بغرابة و كأنه يسمع بالديوم لأول مرة. ثم إنتفض واقفا فجأة. وقف صاحبنا بدوره و هو يشعر بهدير معركة وشيكة
- خلينا من محجوب و ديم القنا هسة إنت عايز شنو
أحس صاحبنا بأن الفشل في تحقيق الهدف من زيارته بات وشيكا. مالك أنت و لمحجوب و مالك أنت و لديم القنا. لكنه استجمع شجاعته ليقول في صوت مبحوح
- قالوا عندكم فرص عمل هنا
- داير تشتغل شنو
- أنا ... أنا خريج اقتصاد جامعة الخرطوم
- ما مهم الجامعة إن شاء الله تكون جامعة الدول العربية ... عملت خدمة إلزامية ؟
- أيوة
- عندك شهادة عمليات
لم يفهم تماما ما الذي يقصده الرجل بالعمليات. ربما يقصد العملي و لكنه تخرج من كلية نظرية ليس بها عملي. كان الرجل ينتظر إجابته متحفزا. ربما يقصد الشهادة الجامعية. فتح الظرف الذي يحمله و سحب شهادته الجامعية ثم قدمها للرجل
- ده شنو يا زول ... عارفنك خريج الخرطوم ... ما عارف يعني شنو شهادة عمليات ... يعني مشيت الجنوب قبل كده
أدرك أن الرجل صاحب الشأن قد صرعه أخيرا و بالضربة القاضية
- لا
- خلاص إتفضل سلم أوراقك للسكرتيرة برة
أوشك أن يقول له و ما الجدوي من ذلك و لكنه أحجم ثم سحب نفسه إلي خارج المكتب. إنتفض و هو يسمع الباب يصفق خلفه بقوة. توجه تلقاء باب الخروج و هو يكاد يتعثر في خطواته. فجأة تذكر أنه عليه أن يسلم أوراقه للسكرتيرة صاحبة اليد البضة. فعل ذلك و هاجس مزعج يقول له بأن أوراقه ستسبقه إلي سلة المهملات الأنيقة أسفل مكتب السكرتيرة قبل وصوله إلي البيت. دلف إلي الشارع و قد إنتصف النهار و بلغ القيظ و الغبار أوجهما. إلتفت متأملا المبني الأنيق بعينين متعبتين يلتمع في إنسانهما سؤال كبير. كيف لهؤلاء القوم كل هذا الترف المريب. أين قسمتي و المطحونين من شعبي. أسئلة عصية ليست للإجابة. أدار ظهره للمبني وهو يمسح عن وجهه العرق الذي أصبح في كامل لزوجته بفعل الضجيج و الغبار.تحسس جيبه يبحث عن كيس التمباك. به سفة واحدة فقط. كورها بأصابعه في حرفية عالية ثم ألقاها في فمه لتتدحرج بين أسنانه ثم تنغرس في مخبئها الأثير قبل أن يطبق عليها بشفته العليا. ألقي نظرته الأخيرة إلي المبني الأنيق و واعيته ما زالت تضج بذات السؤال ثم بصق عن يساره و غاص في الزحام.

السبت، أبريل 11، 2009

خارج إحداثيات العشق

أراكِ
طوبائية الأحلام
سافرة النوايا و الخواطر
تبغين نبض القلب
دفق القلب
كل القلب في كفيك حاضر
تبغين تاج الشمس
و القمر المنور و الفضا
و الماء و النسرين
و الغصن المورق و الطلا
كل الدنا
تبغينها لك
و الملا
قد أقبلوا طوعا إليك
تذللا
قد أقبلوا و يمينهم خضبت دما
قربانهم ملء اليدين
جميعهم
إلا أنا
هلا علمتِ رفيقتي
هو من أنا
لو تقرأين دفاتري
لو تعلمين تجاربي و سوابقي
أو تفعلين و تسألين مدينتي
لعلمت ِ حقا سيرتي
يا عمرُ في دنيا الجمال و شرعتي
ما كنتُ يوما يا ربيع مواسمي
في الحب غرا سازجا
و لا هنتُ يوما في هواي
و بعت نفسي للصغائر
سادرا أو لاهيا
لكنني رمتُ اصطفاءكِ
للأماني الزاهراتِ
قسيمتي
وطنا و عشقا زاهيا
ألأنني أبغيك ِ يا عمري
ربيعا في فؤادي زاهرا
ألأن سفني يا سنا الأيام
تنشد مقلتيكِ مرافئا
تتجبرين و تذبحين القلب
قربانا لديك تجافيا
فالتعلمي يا عمرُ
فلسفتي جليا في الحياة
و ديدني
و لتعرفي عني رفيقة’
أنني
قد أعشق الازهار في روض الجمالِ
و ربما
ألقيت رحلي عند كل مدينة
نزلت بها تلك التي سكنت عميقا
في خفايا النبض وجدا مضرما
لككنني مهما أ’جاوز في المدي
يوما
و أرحلُ في المدائن
مقربا او مبعدا
لا أ’ورد النفس الأبية
للمذلة موردا
فالحب يذهب ثم يأتي
كل دأب ٍ
ثم يدبرُ ثم يقبلُ
قانعا
أو مرغما
و النفس إن هانت
شقيقة مهجتي
لا شئ بعد النفس يبقي توأمي
إلا الردي

السبت، مارس 28، 2009

وصيتي ... مع كامل الشغل و النفاذ

حينما أوصيتُني
ان قم تجهز
تائبا أسبغ وضوءك
ثم صلي ركعتين وفيرتين
إنابة و تطهرا
اوصيتُني
لا ترتقب صوت الملقن ِ
أو مقالات المنابر
فالإمام يبيع ديدنه إلي الدنيا مساءا
ثم عند الفجر
يصعد مطمئنا درج منبره
فيقرؤنا فضيلته السلام
قبل أن يتلو علينا
سجع خطبته
فيدعونا فضيلته إلي التقوي
و يأمرنا الفضيلة و التقي
ثم ينزل للصلاة مجاهرا
بالباقيات الصالحات
و بالسلام علي النبي
و أهل صحبته الكرام
و القوم يصطفون
بين مهمهم بالطيبات من الدعاء
و ما دري
أن الفضيلة و التقي
خلف الستور
تباع ليلا عند حانوت الإمام
و تُشتري
حينما أوصيتُني
و تسامعت بين العشية و الضحي
أ’ذن المجالس و البيوت وصيتي
شيخي تقي الدين
مقرئ قريتي
أرغي و أزبد و استشاط مغاضبا
و مشي إلي أهلي
يحذر من مغبة فريتي
و أذاع عني
أنني متمرد متجاوز أمري
شنيعٌ ما جنيت علي الإمام الطيب
و تبرأت مني مجالس قريتي
و تطيرت مني
و قالت جدتي
هذا الفتي مشئومة أيامه
مذ كان طفلا يافعا
و تذكرت في سرها
تاريخ يوم ولادتي
هذا الفتي لن يرعوي
حتي يشمت بي
و يحفر تربتي
ماذا دهي شيخي تقي الدين
مقرئ قريتي
ماذا دهي قومي
و أهل مودتي
يا قوم إني لم أشأ إغضابكم
أو هتك سر إمامكم
لكنني
للحق و التاريخ

أبرأ ذمتي 
للحق و التاريخ
أصدقت الفتي
أصدقته كل الوصية
حين رام وصيتي

الثلاثاء، نوفمبر 25، 2008

جيتك مشهل بي غناي

جيتك مشهل بي غناي
شايل مطر أشواق خريف كل المواسم و الفصول
جيتك معاي ...
كل المواعيد و المحطات و المرافي
البينا
أوراق إعتماد
و كل التواريخ و الكتابات و القوافي
البينا
تأشيرة دخول
جيتك بدور
أترع معاك نخب التصافي
و نتكي .....
نرحل مشاوير التوتر
نستبيح سر الدواخل و الخوافي
و احكي ليك عنك
و عن روعة ملامحك
لما ترسم
لوحة أشواق المشارق و المغارب
و المنافي
من بدري راجينك توافي
ترجع الفرح المجافي
و تمسح الحزن الموالف
يا صباح ليل الهواجس و المخاوف
يا سند كف المحاسن و العوارف

الثلاثاء، نوفمبر 04، 2008

مرافئ الشوق



يا من أهديت إليّ حقيقة كل الأشواق
أتخفي مندلة الشوق النابض في قلب الأحداق
يا من سطرت كتاب حروفك بحياتي
فقرأت كتاب حياتي في عينيك
أتطفئ’
  وهج العشق النابت بادرة
حبلي بالخصب إليك
يا كنه قداسة نبل الإنسان
أتدري ....
ما بين مخاض الحرف الأول
و حديث الصمت المفعم قولا
تجئ’ الحبكة في لغة الأحداق
هنالك
حيث الدفء الكامن
بين الخوف و قلق اللهفة
ينبو دوما سر الشوق إليك
يا نبل قداسة كنه الإنسان
جليا تعلم
أني لن أ’سلِمك إليك
جليا تعلم
جُرح القلب
و نزف القلب
و مبضع جرحي بين يديك
لن أبرحُك

أجيؤك دأبي
أجيؤك أحمل نبض الرعشةِ
في كف اللقيا
و دفء الضمةِ في كفي ينشد كفيك
يا من أهديت إليّ حقيقة كل الأشواق

خذني مني
كم أحتاجك
خذني أسكني طي مرافئ عينيك

الأربعاء، أكتوبر 08، 2008

الدوران في نسق الإرتقاب

حينما ولد جدي أحمد ود المبروك كنت قد تجاوزت لتوي سن الإستدارة الأولي. كنا معا نعاني آثار الحمي أنا أ’عاني إرتقاب أول الحمي و جدي كان يعاني حمي إرتقابه الأخير. فحين بلغت سن إستدارتي الاولي كان جدي و هو رجل ككثير من الرجال في زمانه يسير حثيثا نحو آخر الاستدارات قبل ميلاده. و رغم أن كلانا كان يدور في نسق إرتقابه علي طريقته إلا أن إستداراتنا كانت كثيرا ما تتداخل. كان يحلو له دائما أن يدخلني في نسقه. يعلمني كيف كان يستدير آن إرتقابه أول الحمي. في ذلك الزمن الأخضر دوما قال جدي كان جدك المبروك و هو رجل ككل الرجال في زمانه يعلمنا كيف يجب أن نستدير. لم يكن لاحد من بقية عقدك أن يحاول الخروج علي نسق الإستدارات المرسوم له. أما في هذا الزمن الاخضر حينا فكلٌ يا ولدي يستدير علي طريقته.كان الاحتفال بميلاد جدي مترفا. بدأ التحضير لذلك منذ أن بدأ جدي يستدير ببطء بعد دخوله في نسق إرتقابه الأخير. أبي و أمي و بقية عقدي لم يألوا جهدا في إخراج الإحتفال بالصورة اللائقة فقد بذلوا أقصي ما في وسعهم من جهد. أمي تدربت كثيرا علي الإحتفال فحينما كان جدي يقاسي إرتقابه الأخير في تلك الليالي الباردة التي سبقت ميلاده كانت أمي و معها آخرون من بقية عقدي كثيرا ما يحتفلون و إن كان إحتفالهم في تلك الليالي دون إحتفالهم في ليلة الميلاد الأولي لجدي. أبي بدي متماسكا طوال ليالي الإرتقاب. كان يدخر طاقة إحتفاله ليوم الميلاد الأول. أفرغها تماما حينما أنزلوا جدي إلي مثواه الأول بجانب المواليد الذين كانوا يقطنون قريبا من دارنا الكائنة بمدخل البلدة.في تلك الليلة التي ولد فيها جدي أدركت أنه قد أنتهي أخيرا إلي الإستدارة الأخيرة في نسق إرتقابه.أدركت تماما أنني بات علي أن أعاني نسق إستداراتي وحيدا و علي طريقتي. وحيدا بين بقية عقدي لم أحتفل بميلاد جدي كما ينبغي لي.لم أكن أملك حينها الدافع علي ذلك رغم إنبهاري تماما حينما أضاء جبين جدي إيذانا بلحظة الميلاد. تشبثت بكاملي بما يليني من مرقد جدي الذي كنت لا افارقه إلا ريثما أمارس بعضا من شأني الذي يفرضه حال كوني إنسانا. فمنذ أن أبطأت استدارات جدي كنت حريصا علي أن أشهد بنفسي كيف تكون آخر الأستدارات في نسق الإرتقاب. الكبار من بقية عقدي أنكروا علي أبي أن يتركني أستديرعلي هذا النسق غير المألوف. حاولوا إخراجي من غرفة الميلاد و لكنني كنت قد وطنت نفسي علي ألا أستدير علي طريقتهم. كانوا يعتقدون و ما فتئوا أن لحظات الميلاد الأخير ليست من شأن من لم يبلغ أو يقارب سن الإستدارات الأخيرة. لا زلت لا أفهم لماذا يكون الإنبهار بلحظات الميلاد الأخير حكرا علي الكبار من بقية عقدي رجالهم دون نساءهم و أطفالهم. ربما لأن هذا الإنبهار يفوق قدرة النساء و الأطفال علي الإحتفال. لذلك كان الكبار من بقية عقدي يكتفون من طقوس الإحتفال بانبهارهم بينما يتركون أمر المؤثرات الصوتية للحفل للنساء من بقية عقدي و العقود الاخري.كان آخر المحتفلين قد غادر لتوه حينما جلست و أبي علي البرش الأخير. البروش الأخري كانت قد طويت إيذانا بانتهاء الإحتفال بعد غروب اليوم الثالث لميلاد جدي. هذا البرش الأخير ترك حتي يتسني لأبي و بقية عقدي إكمال الإحتفال إلي اليوم الأربعين بعد الميلاد.حاولت أن أقول شيئا ما لأبي و أنا أختلس النظر إلي وجهه المتعب لكنني أحجمت أخيرا.كان وجه أبي منذ ليلة الميلاد قد إكتسب ملامحا أخري كنت أراها غريبة. ذات الملامح كنت ألحظها في وجوه الكبار من بقية عقدي و لكنها كانت أكثر تجليا في وجه أبي. جميعهم كانوا قد وطنوا أنفسهم علي هذه الملامح طوال أيام الميلاد فقد كان عليهم قيادة برنامج الإحتفال حينما وقفوا في صف واحد عند مدخل المسيد لاستقبال جموع المهنئين الذين كانوا قد بدأوا التوافد منذ الصباح الباكر. أما وجهي أنا فكانت ملامحه قد بدأت في التلاشي منذ أن بلغ جدي آخر الإستدارات في نسق إرتقابه.فذات ليلة موغلة في الحضور قبل أن يولد جدي بأيام طلب مني أن أناوله مسبحته ذات الألف لالوبة تلك التي كانت لا تفارقه أبدا أيام كان يستدير كما الآخرين.لكنهم حينما اكتنفهم الشعور بدنو لحظة ميلاده نقلوها ضمن بعض أشيائه إلي الغرفة الاخري أقصي الدار.كان جدي قد دأب علي إدخالي في نسق لالوباته.يأمرني أن أحملها علي كتفي و أدور بها أنحاء الدار قبل أن يسبقني إليه لهاثي المتزايد فيناديني مترفقا ثم يمسح علي رأسي و هو يقول ذات يوم يا ولدي ستحملها خفافا ثم أجلس أمامه معتمدا علي ركبتي فيرمقني في عتاب حاني فأتدارك الأمر سريعا و أجلس أمامه جلستي للصلاة ثم يبحر مركب اللالوب بين ضفتينا فأجدني و جدي و عقد اللالوبات قد انتظمنا نسقا واحدا.في تلك الليلة التي سبقت ميلاد جدي ألفيتني قد توشحت عقد اللالوبات فطار بي و درنا أربعة أركان البلدة قبل أن نعود إلي جدي الذي كان قد جلس علي مصلاته ثم طلب من كل الحاضرين الخروج إلي حيث ينالون راحتهم. بقيت في تلك الليلة وحيدا مع جدي فدنوت منه و مسبحة اللالوب ما زالت تتوشحني فأجلسني علي يمينه ثم توضأنا سويا من ذات الماء الذي أفاض منه جدي علي كل اللالوبات قبل أن نبحر ثلاثتنا في نسق دافئ لإرتقاب واحد.بكت كل اللالوبات في حضرة الإرتقاب البهي.واحدة و ألف لالوبة توسلن إلي جدي أن يبارك تضامها و إندياحها في نسق واحد. بكيت و جدي و نحن نعانق لالوباتنا حتي إمتزجت دموعنا بدموعها.في تلك الليلة المخضرة دوما في خاطري أحسست أنني أولد من جديد لالوبة بعد الألف. فمنذ أن طوي أبي و البقية من عقدي آخر البروش إيذانا بإنتهاء الإحتفال بعد غروب شمس اليوم الأربعين لميلاد جدي و مسبحة اللالوب ذات الواحد و الألف لالوبة تدور و تدور في نسق إرتقابها لأوبة الزمن الأخضر و إنتظامه في نسق الايام.


خالد الصائغ - دنقلا
ذاتُ دوران ٍ في نسق ٍ من الإرتقابِ موغلٌ في البهاء

السبت، أغسطس 16، 2008

مأتاك و المدي و الترقب




أحشد’ني صوبَكَ
أشحذ’ني
أنزع’ فيني كل فتيل
أستبقي في كنفي لاشئ
سوي كنفي
أحترف’ هواية َ أن أرقبك
سهلاً كالماء ِ
وفيرًا كضياء الشمس ِ
شهياً كمواسم فرح الأطفال ِ
تجئ
ففي رجائك
يا بواكير الهناء ِ
أ’جدول’ كل هاتيك المواعيد
التي شهقت بأنفاس ِ البشارة
ماذا إذا ما الإرتهان’ إليكَ
أضحي لا يني فيني
و فيك الإنعتاق’ إلي النشيد
كيف أن تلجَ المساحة َ
أن ترتق فتق أن أبقي أ’كابد’ إرتقابي
أن تكون
ففي زمان الإرتواء تعطشًا
للإرتواء تواصلا
في زمان الزيف ِ
أسال’ عنك أجوبتي
فتعجز’ عنك أسئلتي و أجوبتي
و لا ألقاك
سألت’ عنك
فما وجدت’ إلي سواكَ إجابتي
و تبعثرت مني
مخارج’ أحرفي
فمضيت’ لا ألوي
أ’فتش’ عنك عبر مداركي
فتبددت مني الرؤي
فرجعت’ أسكب’ من دمي
أ’نشودة ً للشوق ِ
تحكي عن ملامحكَ النبيلة َ
للسؤال ِ إجابتي
و شرعت’ أنسج’
دونما ترتيب أفكاري
أساطيراً و أحجية ً من العشق الدفين

الأربعاء، يوليو 09، 2008

سينوغرافيا وطن ... حبكة متقنة

كما المستحيل
متاحٌ دوما عناء الغياب الذي
يستبيح’ بشارات الحضور
أمام الكواليس
أدمنت’ التسكع
حيث’ لا تثريب علي ذلك
كانوا قد كتبوا في صحف الصباح
و أذاعوا في نشرات الأخبار
ثم زرعوا ملصقاتهم الأنيقة
في واجهة البنايات
و علي أرصفة الشوارع
حتي يعلم من فاته
سماع موجز الأنباء
أو قراءة صحف الصباح
أن أمام الكواليس
هو الأنسب’ حتما
للنزهة و الأسترواح
بإستنشاق عطر الشعارات
فالدخول’ خلف الكواليس
ليس كالخروج منها لزاما
حيث’ لا متاح هنالك للدخول علي النص
كثيرون هم اؤلئك
الذين نجحوا في أن يفشلوا في ذلك
الجوقة تم أختيارها بكل عناية
كلٌ كان قد حفظ دوره تماما
الحبكة’ أعدت بكل إتقان
لا مكان هنا للخروج علي النص
النظارة’ أخذوا أماكنهم في تراص خلف حناجرهم
كلٌ يعلم دوره تماما
ثم أخذوا جميعا يصفقون بألسنتهم
هكذا دأبهم دائما
ثم أ’سدل الستار


الثلاثاء، يوليو 01، 2008

ضل المطر




ما بين هلام شكل الروابط
و قسوة الزمن الضياع
تبقي الثوابت
و تبقي يا متسلسلة كل الجراح الكامنة في نبض الشوارع
و في زحام خط التماس
يا زمان ليل المواجع و المحارق
يا متاهات المداخل
و استحالات المخارج
يا زمن لغة الخناجر و المشانق
أتعب خطاوي الهم دروبك
و انكسر مسري الخطوط المستقيمة
و كل الزوايا الحادة فيك
أبت الفرج
يا زمان فيك إنحراف مسري الخطوط المستقيمة
و احتشاد ضيق الزوايا الحادة فيك
أصبح مواجع مستديمة
يا زمان ...
ناحت مزارات الشيوخ و الأضرحة
و انهد حيل قبب المشايخ
و انتحر معني القداسة
و فيك بقت
كل الثوابت و المواريث و القيم
ما ليها ساحة
يا أوان ضيق المداخل و المخارج و المساحة
يا زمان ...
كل الدروب الليك بقت
مجهول مداها
دربك ضياع كل المعالم و العناوين و الصور
دربك متاهة
سفن الخلاص منك بعيد
تاهت بعيد
و الغيم حداها
ضل المطر قطع الطريق
شيّد متاريس الحواجز
و انقلب حال البلد
حال الوقوق في العتمة
في ضل المطر
ود البلد ... سيد البلد
أصبح غريب
أصبح مسجل فيك ... خطر
و الغيث رحل
فارق مزارات الخريف
و انسد باب حبل الصبر
يا وطن ...
لمتين نقيف منك بعيد
لمتين نقيف
في العتمة في ضل المطر

الجمعة، يونيو 27، 2008

ديباجتان علي مداخل المدينة

ديباجة ٌ قبل أ ُولي

حين أكتب عن مدينتي ... لا أدعي بأنني الأدري بشعابها ...لكنني أ’حاول جاهدا أن أجعلك كذلك.

ديباجة ٌ أ ُولي

مدينتي بديعة ُ الزمان ِ في المدن
لاشئ في مدينتي يضارع ُ المدن
الناس ُ و الأشياء ُ في مدينتي
كلاهما سيان
كلاهما مبعثرٌ بلا هوية ٍ
الشئ ُ و الإنسان

أول’ الغدو’ في مدينتي
كآخر الرواح
لا شئ في مدينتي يثيرُ للغرابة
لا شئ ... فالجميعُ يلهثون في رتابة
يبتغون رزقَ يومهم
جميعهم تلفهم كآبة

الأمرُ في مدينتي لا يخلو من طرافة
فمدينتي بديعة ُ الزمان ِ في المدن
متوجٌ خليعها
و سيدٌ وضيعها
و أشرف’ الرجال ِ في مدينتي لصوصها
فالغولُ و العنقاءُ في مدينتي
كشرفها
أ ُسطورة ٌ خرافة

العرفُ في مدينتي كما يلي
لا عزَّ بعد المال ِ يبقي للفتي
العزّ ُ يبقي للفتي ما دام يملكُ للجنيه ِ جيوبا
و الشرفُ شرفُ المال ِ يبقي للفتي
و إن اكتسي ملءَ الفضاء ِ عيوبا
فادفع فتاكَ إلي التكسب ِ إنما شرفُ الفتي دينارهُ
العلمُ و الأخلاقُ و القيمُ النبيلة ُ
دعك منها
لم يعُد إتيانها مطلوبا

الأمرُ في مدينتي ما نصه ُ أدناه
الناسُ و الأشياءُ و الحياة ُ في مدينتي
بضاعة ٌ مزجاة
للبيع ِ و الشراء
فالمالُ في مدينتي مقدسٌ
المالُ في مدينتي إله

ديباجة ٌ بعد أ ُولي

بريئة ٌ مطالعُ الصغار في مدينتي
أنيقة ٌ ملامحُ النساء ِ في مدينتي
نبيلة ٌ مطامحُ الرجال ِ في مدينتي
لكنها جميعها
متاحة ٌ للقوم ِ في مدينتي
مباحة ٌ كالخبز و الشراب ِ و الكساء
تباع كالرغيف ِ
في الأسواق ِ و الحارات
موفورة ً مبذولة ً سخاء
تباع بالجنيه ِ .. بالريال ِ .. بالدينار
أناقة ُ النساء ِ
أو مطامحُ الرجال ِ
أو براءة ُ الصغار

ديباجة ٌ قبل أخيرة

أطفالُ مدينتنا قلبي معهم
سألوا عمن يطعمهم لبنًا أخضر
يا لبراءتهم و براءة خاطرهم
أطفالُ مدينتنا سألوا فسألتُ لهم
من يسقي أطفالَ مدينتنا لبنًا أخضر
من يشبعهم
و اللبنُ الأخضرُ في شرع ِ مدينتنا
أضحي ممنوعًا
ليس لمشربهم
و حتي نهرُ الماء ِ الكائن في قلب ِ مدينتنا
أضحي لا يشربُ إلا بكتاب ٍ ممهور
أضحي ممنوعًا ليس لهم
أطفالُ مدينتنا ناموا جوعي
فحلموا توًا بمزار اللبن ِ الأخضر
يا لبراءتهم و براءة خاطرهم
فاللبنُ الأخضرُ
في شرع ِ مدينتنا
أضحي
في عرف ِ مدينتنا
أضحي
لشقاء ِ مدينتنا
أضحي
حلمًا مرجوًا يقلقُ ذاكرة َ الأطفال

الخميس، يونيو 26، 2008

آن تغيب عن الثمار ذاكرة اليخضور فينا





أوان’ إصفرار الثمار بُعيد إخضرارها كان قد آن حينما رجعت’ إلي البلدة و بيننا بعض’ غياب. دائما ما كانت الثمار’ في بلدتي كسائر بلاد الله في أرضه تبيت’ صفراء بعيد إخضرارها. لم يكن في الأمر ما يبعث’ علي الدهشة فيقينا أن إصفرار الثمار قد خلق ليعقب إخضرارها لكنه آن أوبتي للبلدة كان غير ذلك. منذ متي و أنت فيك لست أنت. بضع’ مواسم للحزن قد انقضت الآن منذ كان إفتراقنا. كان الوقت’ فرحا عند أول إصفرار الثمار بُعيد إخضرارها حين ألزمتني خياراتي علي التغرب عن البلدة طلبا للذات و الرفاء. هكذا كنا ننحت’ قالبا فلسفيا لهاتف النزوح عن البلدة و نحن جلوسٌ فوق الظلال الوارفة لأخضر الثمار قبيل إصفرارها. كانت البلدة’ علي رحابتها قد ضاقت بأحلامنا في ذاك الأوان الذي كنتَ تنعته بذمان الشعارات و اللجان المؤدلجة. كثيرون منا حاولوا تأكيد ذواتهم بالإنتساب إلي بعضها المترف. أنت نجحت تماما في أن تفشل في ذلك. كأنك كنت تقرأ في طالعك إنحسار الأيام عن سوآتها التي ما لبثت فتكشفت عيانا. نأيت بنفسك بعيدا رغم إغراءات التسلق التي كانت وفيرة كما الطمي و الماء أوان الدميرة. كنا نمثل’ الطليعة بين شباب البلدة أو هكذا كان يخيل إلينا. الإحساس’ بالعجز المقيم كان يلون’ مشوار توترنا اليومي بالرتابة المزمنة و كنت أنت أكثرنا فرحا و إستبشارا بالآت. ما زلت’ أغتذي قصائدك التي كنا نبذر مقاطعها في الطمي و نحن نرنو بعيدا الي تلكم النخلة التي كانت تسمق عاليا عند الضفة الأ’خري. ما برحت’ أجترّ نبيل كتاباتك. لم يتسني لي أبدًا نسيانها. أتُراك ما زال يقرضك الشعر. هكذا كنت تري الأمر " نحن’ لا نقرض’ الشعر بل هو من يقرضنا " . تري كيف بات يفهمك هؤلاء. لم يفهموك و أنت فيهم أنت. فكيف لهم أن يفهموك الآن و قد أضحيت فيك غير أنت.كان أوان’ إخضرار الثمارمحتشدا دوما بالفرح فياضا بالإمتلاء و النشوة. الأطفال’ كانوا لا يألون جهدهم و لا يدخرون وسعهم في تلك المواسم الخضراء. يسافرون مشاوير إستداراتهم’ الأ’ولي و أخضر’ الثمار و بعض’ أصفرها خبزهم و غموسهم و ماء الدميرة مترعا بالطمي و الخصوبة سقياهم و مغسلهم. كم كان يروقك أن تشاركهم نسق دورانهم البهي. تدور معهم في ذات السياق مبتهجا و حين تفجئني أرقبك و أنا أ’وارب وجهي بجدائل النخيل تقول لي أنك ما زلت تشتمل علي بعض طفل و كلنا يشتمل علي بعض طفل فأجيبك موقنا أن الفرح أيضا كل’ طفل.كيف أضحيت فيك غير أنت. حكي لي السمار’ أن خروجك كان قد تكشف ذات أوان طال فيه إرتقاب’ الناس لمواسم إخضرار الثمار التي باتت لا تمنح إخضرارها. الظلال’ أيضا لم تعد خضراء كما كانت. ما عادت تقي هجير النوائب فاستعاض القوم’ عنها برواكيب الطوب الأحمر و الأسمنت.هل كان الخروج لزاما عليك. لكأني بك لم تخرج علي نفسك إلا لتكفي القوم مؤونة الخروج عليها في زمان أضحت فيه كل الأشياء ككل الأشياء فماتت فيه كل الأشياء.حزمت’ أمري و من بعد’ حقائبي. آليت’ علي نفسي ألا أعود الي البلدة إلا آن تستعيد مواسم إخضرار ثمارها كما ينبغي لها أن تكون. آن تستقيم فيك أنت تماما كما ينبغي لك أن تستقيم.

الحرف يبقي و البراءة و الجرح

كيف لي أن أصطفي بكر الحروف ِ
و ثيبها و متاهة’ المألوفِ
هم من علموني
أبجدية َ كل ما ألفيتُ من طين ٍ و ماء
هم علموني
أن طينتها هي الأشياء
فحينما صنعوا فباركنا جميعا
ثم رددنا قصائدنا العتيقة
كان بكرُ الحرف ِ
يرتقبُ التزاوجَ و الولوج
شبِقا ً
يتوقُ الي التوهج ِ
و استواء العود ِ
فجر الطينة ِ الأولي
هم صيروه الي رماد
ساقوا اليه ضغينهم
حشدوا اليه النابَ و السكينَ
من كل الفجاج
ذبحوا بكارته و أخضرَ عوده
صلبوه
حتي ترعوي كل الحروف البكر
في كل البلاد
فكيف لي ان أصطفي بكرَ الحروف ِ
و ثيبها و متاهة ُ المألوف ِ
لي
كالخنجرالمسموم ِ
بالمرصاد