الجمعة، يونيو 27، 2008

ديباجتان علي مداخل المدينة

ديباجة ٌ قبل أ ُولي

حين أكتب عن مدينتي ... لا أدعي بأنني الأدري بشعابها ...لكنني أ’حاول جاهدا أن أجعلك كذلك.

ديباجة ٌ أ ُولي

مدينتي بديعة ُ الزمان ِ في المدن
لاشئ في مدينتي يضارع ُ المدن
الناس ُ و الأشياء ُ في مدينتي
كلاهما سيان
كلاهما مبعثرٌ بلا هوية ٍ
الشئ ُ و الإنسان

أول’ الغدو’ في مدينتي
كآخر الرواح
لا شئ في مدينتي يثيرُ للغرابة
لا شئ ... فالجميعُ يلهثون في رتابة
يبتغون رزقَ يومهم
جميعهم تلفهم كآبة

الأمرُ في مدينتي لا يخلو من طرافة
فمدينتي بديعة ُ الزمان ِ في المدن
متوجٌ خليعها
و سيدٌ وضيعها
و أشرف’ الرجال ِ في مدينتي لصوصها
فالغولُ و العنقاءُ في مدينتي
كشرفها
أ ُسطورة ٌ خرافة

العرفُ في مدينتي كما يلي
لا عزَّ بعد المال ِ يبقي للفتي
العزّ ُ يبقي للفتي ما دام يملكُ للجنيه ِ جيوبا
و الشرفُ شرفُ المال ِ يبقي للفتي
و إن اكتسي ملءَ الفضاء ِ عيوبا
فادفع فتاكَ إلي التكسب ِ إنما شرفُ الفتي دينارهُ
العلمُ و الأخلاقُ و القيمُ النبيلة ُ
دعك منها
لم يعُد إتيانها مطلوبا

الأمرُ في مدينتي ما نصه ُ أدناه
الناسُ و الأشياءُ و الحياة ُ في مدينتي
بضاعة ٌ مزجاة
للبيع ِ و الشراء
فالمالُ في مدينتي مقدسٌ
المالُ في مدينتي إله

ديباجة ٌ بعد أ ُولي

بريئة ٌ مطالعُ الصغار في مدينتي
أنيقة ٌ ملامحُ النساء ِ في مدينتي
نبيلة ٌ مطامحُ الرجال ِ في مدينتي
لكنها جميعها
متاحة ٌ للقوم ِ في مدينتي
مباحة ٌ كالخبز و الشراب ِ و الكساء
تباع كالرغيف ِ
في الأسواق ِ و الحارات
موفورة ً مبذولة ً سخاء
تباع بالجنيه ِ .. بالريال ِ .. بالدينار
أناقة ُ النساء ِ
أو مطامحُ الرجال ِ
أو براءة ُ الصغار

ديباجة ٌ قبل أخيرة

أطفالُ مدينتنا قلبي معهم
سألوا عمن يطعمهم لبنًا أخضر
يا لبراءتهم و براءة خاطرهم
أطفالُ مدينتنا سألوا فسألتُ لهم
من يسقي أطفالَ مدينتنا لبنًا أخضر
من يشبعهم
و اللبنُ الأخضرُ في شرع ِ مدينتنا
أضحي ممنوعًا
ليس لمشربهم
و حتي نهرُ الماء ِ الكائن في قلب ِ مدينتنا
أضحي لا يشربُ إلا بكتاب ٍ ممهور
أضحي ممنوعًا ليس لهم
أطفالُ مدينتنا ناموا جوعي
فحلموا توًا بمزار اللبن ِ الأخضر
يا لبراءتهم و براءة خاطرهم
فاللبنُ الأخضرُ
في شرع ِ مدينتنا
أضحي
في عرف ِ مدينتنا
أضحي
لشقاء ِ مدينتنا
أضحي
حلمًا مرجوًا يقلقُ ذاكرة َ الأطفال

الخميس، يونيو 26، 2008

آن تغيب عن الثمار ذاكرة اليخضور فينا





أوان’ إصفرار الثمار بُعيد إخضرارها كان قد آن حينما رجعت’ إلي البلدة و بيننا بعض’ غياب. دائما ما كانت الثمار’ في بلدتي كسائر بلاد الله في أرضه تبيت’ صفراء بعيد إخضرارها. لم يكن في الأمر ما يبعث’ علي الدهشة فيقينا أن إصفرار الثمار قد خلق ليعقب إخضرارها لكنه آن أوبتي للبلدة كان غير ذلك. منذ متي و أنت فيك لست أنت. بضع’ مواسم للحزن قد انقضت الآن منذ كان إفتراقنا. كان الوقت’ فرحا عند أول إصفرار الثمار بُعيد إخضرارها حين ألزمتني خياراتي علي التغرب عن البلدة طلبا للذات و الرفاء. هكذا كنا ننحت’ قالبا فلسفيا لهاتف النزوح عن البلدة و نحن جلوسٌ فوق الظلال الوارفة لأخضر الثمار قبيل إصفرارها. كانت البلدة’ علي رحابتها قد ضاقت بأحلامنا في ذاك الأوان الذي كنتَ تنعته بذمان الشعارات و اللجان المؤدلجة. كثيرون منا حاولوا تأكيد ذواتهم بالإنتساب إلي بعضها المترف. أنت نجحت تماما في أن تفشل في ذلك. كأنك كنت تقرأ في طالعك إنحسار الأيام عن سوآتها التي ما لبثت فتكشفت عيانا. نأيت بنفسك بعيدا رغم إغراءات التسلق التي كانت وفيرة كما الطمي و الماء أوان الدميرة. كنا نمثل’ الطليعة بين شباب البلدة أو هكذا كان يخيل إلينا. الإحساس’ بالعجز المقيم كان يلون’ مشوار توترنا اليومي بالرتابة المزمنة و كنت أنت أكثرنا فرحا و إستبشارا بالآت. ما زلت’ أغتذي قصائدك التي كنا نبذر مقاطعها في الطمي و نحن نرنو بعيدا الي تلكم النخلة التي كانت تسمق عاليا عند الضفة الأ’خري. ما برحت’ أجترّ نبيل كتاباتك. لم يتسني لي أبدًا نسيانها. أتُراك ما زال يقرضك الشعر. هكذا كنت تري الأمر " نحن’ لا نقرض’ الشعر بل هو من يقرضنا " . تري كيف بات يفهمك هؤلاء. لم يفهموك و أنت فيهم أنت. فكيف لهم أن يفهموك الآن و قد أضحيت فيك غير أنت.كان أوان’ إخضرار الثمارمحتشدا دوما بالفرح فياضا بالإمتلاء و النشوة. الأطفال’ كانوا لا يألون جهدهم و لا يدخرون وسعهم في تلك المواسم الخضراء. يسافرون مشاوير إستداراتهم’ الأ’ولي و أخضر’ الثمار و بعض’ أصفرها خبزهم و غموسهم و ماء الدميرة مترعا بالطمي و الخصوبة سقياهم و مغسلهم. كم كان يروقك أن تشاركهم نسق دورانهم البهي. تدور معهم في ذات السياق مبتهجا و حين تفجئني أرقبك و أنا أ’وارب وجهي بجدائل النخيل تقول لي أنك ما زلت تشتمل علي بعض طفل و كلنا يشتمل علي بعض طفل فأجيبك موقنا أن الفرح أيضا كل’ طفل.كيف أضحيت فيك غير أنت. حكي لي السمار’ أن خروجك كان قد تكشف ذات أوان طال فيه إرتقاب’ الناس لمواسم إخضرار الثمار التي باتت لا تمنح إخضرارها. الظلال’ أيضا لم تعد خضراء كما كانت. ما عادت تقي هجير النوائب فاستعاض القوم’ عنها برواكيب الطوب الأحمر و الأسمنت.هل كان الخروج لزاما عليك. لكأني بك لم تخرج علي نفسك إلا لتكفي القوم مؤونة الخروج عليها في زمان أضحت فيه كل الأشياء ككل الأشياء فماتت فيه كل الأشياء.حزمت’ أمري و من بعد’ حقائبي. آليت’ علي نفسي ألا أعود الي البلدة إلا آن تستعيد مواسم إخضرار ثمارها كما ينبغي لها أن تكون. آن تستقيم فيك أنت تماما كما ينبغي لك أن تستقيم.

الحرف يبقي و البراءة و الجرح

كيف لي أن أصطفي بكر الحروف ِ
و ثيبها و متاهة’ المألوفِ
هم من علموني
أبجدية َ كل ما ألفيتُ من طين ٍ و ماء
هم علموني
أن طينتها هي الأشياء
فحينما صنعوا فباركنا جميعا
ثم رددنا قصائدنا العتيقة
كان بكرُ الحرف ِ
يرتقبُ التزاوجَ و الولوج
شبِقا ً
يتوقُ الي التوهج ِ
و استواء العود ِ
فجر الطينة ِ الأولي
هم صيروه الي رماد
ساقوا اليه ضغينهم
حشدوا اليه النابَ و السكينَ
من كل الفجاج
ذبحوا بكارته و أخضرَ عوده
صلبوه
حتي ترعوي كل الحروف البكر
في كل البلاد
فكيف لي ان أصطفي بكرَ الحروف ِ
و ثيبها و متاهة ُ المألوف ِ
لي
كالخنجرالمسموم ِ
بالمرصاد