أ’نطلوجيا الريدة ... نظرية العشق بين الواقع و الباراسيكولوجي


أدرك أنني بصدد الولوج إلي سياق وعر سيقود إلي أخري أكثر وعورة و لكن دعونا نعصف أذهاننا بكم و كيف من الأسئلة المفتوحة لعلنا نسبر أغوار معضلة السؤال الوجودي العصي حول تأويلية العشق. هذا السؤال الماثل منذ أن بدأ إيروس يعاني إرتقابه أول الحمي و ما فتئ يفعل.
الحب بما يمثله كشعور إنساني مركزي تتمحور حوله و تنطلق منه كل العواطف الإنسانية الموجبة. ظل و سيظل يشكل سؤالا عصيا علي الإجابة.
و ما أقصد تناوله هنا هو الحب بمعناه الإيروسي و هو ما أصطلح علي تسميته بالعشق.
و لا أقصد الحب في صورته القبْلية (و ليس القبَلية ) و هو الحب الجبري الذي يولد به الإنسان و تنتفي فيه فرص الإختيار. كالحب الأسري الممتد كما في الحب بين الإنسان و والديه و أبنائه و بقية أفراد عقده الأسري.
فهذا الأخير أمره أقرب للحسم.
يقول الإمام إبن حزم في كتابه طوق الحمامة: "الحب أعزك الله أوله هزل وآخره جد. دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة.
فإبن حزم هنا يلخص فلسفته في العشق بأنه معني دقيق متجاوز للوصف و لا يدرك حقيقته أو ماهيته إلا من عاناه و اختبر تجربته.
و كثيرون قد يتفقون مع الرجل في ما ذهب إليه
و آخرون قد يختلفون
و من هنا
هل يمكن عقلنة الشعور بالحب إن جاز التعبير و هل يمكن إخضاعه لمناهج العلم التجريبي للوصول إلي ماهيته أم أنه متعال علي ذلك.
و هل من الممكن الإصطلاح علي معيار موضوعي كميا أو كيفيا ليتسني لنا تعريف العشق أو قياسه.
و من ثم إضفاء صفة العشق علي أي علاقة تدعي ذلك أو نفيها عنها.
الإجابة أصعب ما تكون و إن كان هنالك من حاول إجتياز مفازة السؤال.
عالم النفس الأمريكي روبرت سترنبيرج حاول في نظريته الموسومة بمثلث العشق

Triangular theory of love
تطبيق مؤشرات العلم التجريبي علي العشق حيث تقوم نظريته علي ثلاث مرتكزات أساسية يفترض توفرها في أي علاقة حب أو عشق.
و هي الإلفة و الشغف و الإلتزام.
فالإلفة تمثلها المشاعر الحميمية المتدفقة.
و الشغف يمثل المشاعر الإيروسية التي تقتضي الإنجزاب الجنسي بين الشريكين.
ثم الركيزة الثالثة و هي مدي إلتزام كل من الشريكين بالعلاقة و مقتضياتها.
و من خلال قياس هذه المكونات الثلاثة يري الرجل أننا نستطيع الحكم علي العلاقة و تقييمها كما و كيفا.
و من ناحية أخري
علم الباراسيكولوجي أو علم ما وراء النفس يحاول أيضا تفسير ظاهرة الحب بإفتراض أن لكل إنسان مجال حيوي ذاتي غير مرئي ومنفصل حيث تعني حالة الحب بين أي حبيبين حدوث تداخل بين مجاليهما الحيويين.
و لكن يبقي السؤال مفتوحا و مستحيلا علي الإنغلاق علي إجابة واحدة و محددة.
فالعشق هو نسبي طالما أن الحب المطلق لا يمكن الإمساك به و إنما ما يتحقق هو أشكاله النسبية لكون الحب معني ذهني مجرد (مدلول) و المعاني و التجريدات الذهنية لا تتحقق في ذاتها المطلق و إنما ما يتحقق واقعيا هو أشكالها النسبية (دلالاتها)
و هنا ينفتح الباب أمام سؤال جوهري
هل نعرف و ندرك الأشياء و من ضمنها الحب بالحواس أم بالعقول أم أن وراء ذلك حقائق متعالية للأشياء في ذواتها ؟؟؟؟؟؟
الإنسان يمارس إختباره للحياة في مستويين وجوديين مختلفين. مستوي مادي محسوس و يمكن إخضاعه لقوانين العلم التجريبي و آخر لا مادي (روحي) متعال علي ذلك و لا يمكن الإمساك بحدوده و هو مستوي تجريدي لا يمكن تصوره أو تحققه خارج الحدود الذهنيه.
هذان المستويان متلازمان و متلاحمان كوجهي الورقة الواحدة و لا يمكن فصلهما أو تصور أحدهما بمعزل عن الآخر.



منحني آخر يثير أيضا مزيدا من الأسئلة المفتوحة
هل يحتمل العشق التعددية أم أنه واحدي بالضرورة
و هل تشوبه عوارض التبعيض أم أنه كل لا يتجزأ
لعل الأمر هنا يحتمل التباين من منظور ذكوري و آخر أنثوي
فبالنسبة للرجل في كثير من الأحوال
ف ...
إمرأة واحدة قد لا تكفي
و إن كان البعض يري ذلك إستثناءا و تجاوزا للمألوف
أما المرأة
ففي كل الأحوال
فحبيب واحد فقط هو من يملأ كل تفاصيلها و أنسجتها و لا فسحة هنالك لآخر.